هل ينتفض البيارتة على سعد الحريري؟
في إطار الجولات واللّقاءات التي يقوم بها أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري ومسؤولون بارزون على المناطق البيروتية لعرض الأوضاع العامة تحضيرًا للانتخابات النيابية، لم تكن الأجواء كما يتمناها التيار الأزرق، بل معظم اللّقاءات شهدت اعتراضًا شعبيًا على سياسة تيار المستقبل الذي لم يقدم أيّ شيء يذكر للعاصمة وأهلها، لا سيّما بعد انفجار مرفأ بيروت، باستثناء المساعدات الاجتماعية والغذائية التي تقدمها جمعية بيروت للتنمية.
تقول أوساط بيروتية بارزة، أنّ الرئيس سعد الحريري فقد الكثير من شعبيته في بيروت، وبات واضحًا أنّ العاصمة لم تعد زرقاء كما كانت في السابق أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري، إنّما أصبحت متعدّدة التيارات والأهواء السياسية، وذلك نتيجة غياب تيار المستقبل عن الواقع البيروتي الاقتصادي والصحي والمعيشي.
وتؤكد أنّ تيار المستقبل سيجد صعوبة كبرى في إعادة وصل ما انقطع مع أهالي بيروت، لأنّ البيارتة عمومًا والسنّة خصوصاً يرغبون بترتيب بيتهم السياسي الداخلي أو بمعنى آخر يريدون الانتفاض على حكامهم، حيث أنّ تيار المستقبل لم يعد بنظرهم المرجع السياسي القادر على قيادة السفينة السنية في ظلّ أمواج الأزمات التي تخطت الخطوط الحمراء، فبيروت اليوم عاصمة مدمرة ومهجورة، أسواقها مقفلة، شوارعها مظلمة، أحياؤها فقيرة وسكانها يبحثون عن رحيل مؤقت أو عن هجرة دائمة.
وتشير الأوساط، إلى أنّ العائلات البيروتية العريقة لم تعد راغبة بـ”مبايعة” سعد الحريري، فهي لا يعنيها صراعاته مع رئيس الجمهورية ميشال عون ولا مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ولا حتى مع حزب الله، كل ما يعنيها لقمة عيشها ومستقبل أبنائها، هذا الأمر سيجبر تيار المستقبل على تغيير الواقع الحالي بأسرع وقت، لا أن يقدّم وعوداً ويطلق شعارات ويعقد اجتماعات لا تغني ولا تثمن من جوع.
هذا وتذكر الأوساط عينها، أنّ الحريري لا يملك حلّاً جذريًا في جعبته لإعادة بسط سلطته على العاصمة، فأرصدة التيار تكاد تكون خالية من الأموال، وصفوفه يخيم عليها النكد والتنافس والغيرة، هذا فضلاً عن أنّ التيار لا يملك سلاح السلطة كما كان خلال وجود الحريري في السراي، باستثناء بلدية بيروت الحاضرة الغائبة عن المشهد الكارثي.
إذا كان تيار سعد الحريري غير قادر على مخاطبة أهالي بيروت طمعًا في مقاعد العاصمة الانتخابية، كيف سيتمكن من التعاطي مع المناطق الأخرى، كطرابلس وعكار مثلاً، وماذا سيتضمن خطابه الانتخابي، وما هي الحجج التي سيدلي بها لناخبيه؟، كل هذه التساؤلات تثير الريبة حول ما إذا كان الحريري قد شارف فعلاً على الانتهاء سياسيًا؟، لننتظر ونرَ.
محمد مدني